بسم الله الرحمن الرحيم
البيان الختامي وتوصيات ندوة الصكوك الإسلامية
بين الضوابط الشرعية والمتطلبات القانونية والمحاسبية
نظمت الجمعية التونسية للاقتصاد الإسلامي بالتعاون مع المعهد الإسلامي للبحوث و التدريب و البنك الإسلامي للتنمية والأكاديمية العالمية للبحوث الشرعية في المالية الإسلامية يومي 7 و8 جمادى الثانية 1436هـ الموافق 28 و29 مارس 2015 بفندق السلطان بمدينة الحمامات ندوة علمية تحت عنوان: “الصكوك الإسلامية بين الضوابط الشرعية والمتطلبات القانونية والمحاسبية”
وذلك استجابة لحاجة الصناعة المالية الإسلامية للنظر في هذا المجال الحيوي الذي له علاقة وثيقة بنشاط المؤسسات المالية الإسلامية، وبحاجة الدول والمؤسسات الاقتصادية لحشد الموارد وفق الصيغ الشرعية،بما يعود بالنفع على الجهات المصدرة للصكوك، سواء كانت من القطاع العام أو من القطاع الخاص.
وبعد الاستماع للورقات العلمية المقدمة في الملتقى، وما تبعها من نقاش وتبادل للأفكار بين الشرعيين والمهنيين، والأكاديميين، والخبراء، أكد الحضور على أهمية مثل هذه الملتقيات في مجال الاقتصاد الإسلامي عموما وفي الصناعة المالية الإسلامية خصوصا،مشددين على جسامة التحديات الشرعية والقانونية والمحاسبية في مجال الصكوك، والحاجة العملية الملحة لتشخيص تلك التحديات وتحليلها بكل موضوعية، ودراستها دراسة مستفيضة لتأهيل صناعة الصكوك لتجاوز التحديات والصعوبات وفق منهج علمي وعملي، وبما لا يتعارض مع أصول هذه الصناعة.
وبعد النقاش المستفيض أوصى المشاركون بما يأتي:
أولا: ضرورة التمييز بين الصكوك التي تستند على ملكية أصول قائمة وقت الإصدار، وبين الصكوك التي تمول مشاريع أو أنشطة مستقبلية، حيث لا تثار إشكالية انتقال الملكية إلا في النوع الأول.
وفي جميع الأحوال فإن تملك حملة الصكوك لموجودات الصكوك يعد حجر الزاوية في إصدارها. والواجب أن تتوافر الملكية بنحوٍ مقبولٍ شرعاً وقانوناً، وأن تنطبق عليها الضوابط الشرعية القائمة على قاعدة الغنم بالغرم وذلك وفق القرارات المجمعية ذات الصلة.
ثانيا: ضرورة إثبات ملكية موجودات الصكوك لحملة الصكوك في نشرة الإصدار بطريقة واضحة تحفظ حقوق حملة الصكوك.
ثالثا: دعوة الجهات الحكومية المعنية بالإشراف على الصكوك باتخاذ الترتيبات المناسبة لضبط الصكوك – سيادية كانت أو لمصلحة القطاع الخاص- وتفعيل تطبيقها وتوفير البيئة القانونية والنظامية لإصدارها وتشكيل الهياكل القانونية والشرعية المطلوبة لها.
رابعا: تعزيز الرصيد الفقهي في مجال المالية الإسلامية عموما والصكوك خصوصا،و جمع المنتجات المالية الإسلامية ضمن مدونة تكون بمثابة المرجع الموحد المعتمد في المالية الإسلامية.
خامسا: ملاحظة المقاصد الشرعية في المعاملات المالية الإسلامية واعتبار مقتضيات العقود، وتفادي الصورية التي تضر بالصناعة المالية الإسلامية وبسمعتها، وتُخفي حقائقها ومنافعها وتميُّزَها.
سادسا: التحوط من المخاطر لتعميم الصكوك وترويجها على نطاق واسع، ومن وسائل ذلك تفعيل ضمان الطرف الثالث بالشروط الواردة في قرارات مجمع الفقه الإسلامي الدولي، والاستفادة مما يوفره نظام التأمين التكافلي.
سابعا: الدعوة للنظر في البدائل المقدمة لتعزيز التنوع في سوق الصكوك والاستفادة من الأوراق المالية الهجينة (hybrid securities) التي تخدم أهداف التمويل الإسلامي.
ثامنا: تعزيز البحوث في محاور علمية دقيقة في مجال الصكوك، ومنها الملكية والمخاطر و التحوط والتداول في الصكوك، وغيرها من المسائل التي تبرز أهمية الصكوك وآلياتها وتَميُّزها عن السندات التقليدية.
تاسعا: دعوة المؤسسات المالية الإسلامية التي تعرض تداول صكوكها في الأسواق المالية العالمية إلى أن تكون على بينة بموضوع توقيت تداول الصكوك بما يراعي الضوابط الشرعية للتداول.
عاشرا: دعوة هيئات الأسواق المالية للنظر في تنظيم سوق لتداول الصكوك بما يؤدي إلى تنشيط سوق مالية خاصة بالصكوك، تراعي طبيعتها ومتطلباتها الشرعية،وفقاً للقرارات المجمعية والمعايير الشرعية لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية.
حادي عشر: الدعوة للاهتمام بالجوانب المحاسبية في مجال الصكوك أخذا بخصوصيتها وضوابطها، وخاصة الجانب المحاسبي المتعلق بتسجيل أصول الصكوك بالمراكز المالية واحتساب الإهلاك الخاص بها.
ثاني عشر: الاهتمام بصياغة نشرة الإصدار، ودعوة الجهات المعنية بإعداد نشرة إصدار مرجعية تعكس وجهة نظر الصناعة من الناحية الشرعية والفنية للاستئناس بها. والواجب أن تكون الفتوى الصادرة باعتماد هيكلية ومستندات الصكوك جزءاً من المستندات القانونية وأن يتم النص على أن جميع المستندات الأخرى تخضع في تطبيقها وتفسيرها للوارد في الفتوى.
ثالث عشر: التأكد من أن أي إصدار للصكوك يتوافق مع المعايير الشرعية والقرارات المجمعية.
رابع عشر: الدعوة لتأسيس جهات تصنيف محايدة تتولى النظر في مدى مطابقة الصكوك لأحكام الشريعة الإسلامية ومبادئها، وتقوم بتصنيفها وفقاً لذلك.
خامس عشر: دعوة البنك الإسلامي للتنمية لوضع إطار منهجي للصكوك يكون بمثابة الدليل الإجرائي للدول الأعضاء.
سادس عشر: دعوة جميع الهيئات والمؤسسات الداعمة للصناعة المالية الإسلامية إلى وضع خطة إستراتيجية تهدف إلى إرساء منظومة متكاملة مختلفة عن منظومة إصدار السندات و تأخذ في الاعتبار الخصائص المميزة للصكوك.
سابع عشر: ضرورة بناء منظومة متكاملة لجميع مراحل الإصدار للصكوك القائمة على المشاركة، بما في ذلك التصنيف والتسعير والترويج، وذلك لتعزيز قبول الصكوك،ورواجها في أسواق رأس المال.
ثامن عشر: تثمين العمل الذي تقوم به هيئة المحاسبة والمتابعة للمؤسسات المالية الإسلامية بشأن مراجعة معيار الصكوك و الدعوة لجعله يستوعب جميع أنواع الصكوك ويتجاوز جميع الإشكالات الشرعية الملاحظة في التطبيقات العملية للصكوك.
تاسع عشر: دعوة المجلس الأعلى للمحاسبة بالبلاد التونسية لإصدار معيار محاسبي خاص بالصكوك الإسلامية يكمل المعيار المحاسبي رقم 7 الخاص بالتوظيفات (الأسهم و السندات) و يراعي خصوصية الصكوك.
عشرين: دعوة مجمع الفقه الإسلامي الدولي إلى مواصلة جهود التأصيل الشرعي لموضوع حق الانتفاع العيني كصيغة تمكن من تمليك حملة الصكوك حق الانتفاع بالأصول المصككة مع إبقاء العين ملكا للدولة بالنسبة للإصدارات الحكومية وتوكيل جهة حكومية أو خاصة بإدارة المشاريع الممولة لفائدة حملة الصكوك إلى غاية إطفاء الصكوك
حادي و عشرين: دعوة مجمع الفقه الإسلامي الدولي و المجلس الشرعي لهيئة المحاسبة و المراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية إلى مراجعة القرارات و المعيار المتعلق بالمشاركة المتناقصة بما يسمح بتخارج حملة صكوك المشاركة بالقيمة الاسمية شرط تحقق أرباح، عملا بفتوى أصدرتها بعض الهيئات الشرعية في هذا الشأن و هذا بعد التدقيق في صحة هذه الفتوى من الناحية الشرعية، على اعتبار أن تحقق أرباح يقطع بسلامة رأس المال.
ثانيا و عشرين: دعوة الجهات الخاصة الراغبة في إصدار صكوك استثمار لاستخدام الصيغة القائمة على تمليك حملة الصكوك للأصول تمليكا حقيقيا وقانونيا ثم توكيل جهة الإصدار أو الشركة ذات الغرض الخاص باستغلال الأصول لصالح حملة الصكوك على سبيل الوكالة بالخدمات أو الوكالة بالاستثمار، وهذا لتفادي الوقوع في شبهة بيع العينة سواء في الأعيان أو المنافع.
ثالثا و عشرين: دعوة جهات الإصدار الحكومية والخاصة إلى تفادي كل صيغ الضمان أو الالتزام بشراء الأصل بالقيمة الاسمية (أو بقيمة متفق على ابتداءً) عند إطفاء الصكوك والاستعاضة عن ذلك بسعر السوق أو بسعر تحدده سلطة الأسواق المالية حينئذ، ويمكن تقليل المخاطر باللجوء إلى تكوين مخصصات لتعديل الأرباح أو لمخاطر الاستثمار لمعالجة تقلبات العائد أو الأسعار زيادة أو نقصانا بما يطمئن حملة الصكوك إلى استرداد أموالهم.
وختاما تعبّر الجمعية التونسية للاقتصاد الإسلامي عن بالغ الشكر والامتنان للسادة الحضور والمتحدثين على دعمهم لرسالة الجمعية وأهدافها، سواء بالحضور أو بالتواصل مع الجمعية.
ولا يفوت الجمعية التونسية للاقتصاد الإسلامي التنويه بدور المؤسسات المالية الإسلامية، والجهات الراعية لهذه الندوة والداعمة لها، ونخص بالذكر:
• البنك الإسلامي للتنمية، جدة
• المعهد الإسلامي للبحوث و التدريب، جدة
• الأكاديمية العالمية للبحوث الشرعية في المالية الإسلامية، كوالا لامبور
• هيئة المحاسبة و المراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، المنامة
• المركز الإسلامي الدولي للمصالحة و التحكيم، دبي
• مصرف الزيتونة، تونس
• بنك البركة، الجزائر
• التكافلية للتأمين، تونس
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته